منتديات طموح العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر

اذهب الى الأسفل

مضحك الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر

مُساهمة من طرف عاشق الجنان الجمعة مايو 22, 2009 11:11 pm

الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر


كان العلماء ورثة الأنبياء، فإن مهمتهم جد كبيرة وجد خطيرة، فإنما بُعث الأنبياء ليسلكوا بالناس طريق العبودية الخالصة لله ((ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله)) [النحل/36] والناس بدون رسالة أموات غير أحياء يتعبدهم فرعون وقارون، ويتلاعب بعقولهم أحبار سوء وجهلة رهبان.

إن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأولى حفظ الدين وهذا له جانبان: جانب إقامة أركانه مثل الشهادتين والصلاة والزكاة... وجانب إبعاد ما يهدمه مثل البدع والمنكرات ولهذا جاءت القاعدة الشرعية: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومن درء المفاسد مدافعة المنكر ومحاربته وإبعاد أهل الفسق والفجور، وأصحاب الاتجاهات المنحرفة من التسلط على المسلمين، ومن حفظ الدين بيان وجه الحق خاصة عندما تدلهم الخطوب ويحار الناس في الفرقان بين الحق والباطل ومن درء المفاسد حفظ أموال الأمة فلا تهدر على الفساد والقصور، أو تذهب إلى خزائن الكفار ليستعينوا بها على محاربة الإسلام والمسلمين.

مَنْ الذي يتحمل هذا العبء غير العلماء الذين يجتمعون للمشورة في أمر المسلمين، ويتعاونون على إظهار الحق ودفع المنكر، تحقيقاً لقوله تعالى: ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)) [آل عمران/104] وقد ورد في الأثر: صنفان إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء، وإذا كان حكام اليوم لا خير فيهم، لأنهم ذهبوا بعيداً في حرب الإسلام والبغي على الشعوب الإسلامية، فمن بقي للأمة يقف معها، ويعيش همومها غير العلماء.

ليست مهمة العلماء التربية على كتف الحاكم الظالم والسكوت عن المنكرات واللجوء إلى نصوص مقطوعة عن بداياتها ونهاياتها لتبرير ما يفعله الحكام، أو يجرون وراء أقوال عامة صحيحة ولكنها لا تنطبق على الواقع اليوم، أو السكوت عما يفعله الحكام متذرعين بـ (الحكمة) هذه الكلمة التي أسيء استعمالها كثيراً، فليس هناك عاقل يقول: إن إخفاء عيوب الأمة خير من بيانها، أو أن الأحسن في حق المريض ألا يخبر بمرضه أو يحذر من عاقبة إهماله.

إن من أكثر الأشياء إيلاماً للنفس أن تُحرف نصوص الكتاب والسنة لخدمة الطغاة المفسدين في الأرض، أيكون الإسلام الذي جاء لتحرير الناس من عبودية الناس هو الذي يدعو للقبول بالظلم والسكوت عن المنكرات؟!.

ليس المطلوب من العلماء شيئاً فوق طاقتهم، أو أكبر مما يحتملون، فإن لم يستطيعوا قول الحق جهاراً نهاراً، فليمارسوا أضعف الإيمان، وهو مقاطعة الظلمة وعدم مجاراتهم أو تبرير أعمالهم، وهو ما يسمى الآن (بالعمل السلبي) وهذا هو معنى الإنكار بالقلب، أما المداهنة أو السكوت عن باطلهم والقول في السر "اللهم إن هذا منكراً لا أرضاه" فليس ذلك من أضعف الإيمان في شيء. يقول ابن حزم رحمه الله: "فأما الفرض الذي لا يسع أحداً فيه تقية، فأن لا يعين ظالماً بيده ولا بلسانه، ولا أن يُزيّن له فعله، ويُصوّب شرّه ويعاديهم بنيته ولسانه عند من يأمن على نفسه...".[1][1]

إن علماء السلف الصالحين أنكروا علناً وصراحة على أمثال عبد الملك وهشام والمنصور والرشيد، وهم مَنْ هم في الدفاع عن الإسلام وإقامة شعائره، ولا يقارنون أبداً بحكام اليوم، لأن أولئك فتحوا البلدان وأقاموا علم الجهاد، وهؤلاء سلموا البلاد للأعداء، وأولئك حفظوا الشريعة - على أخطاء وتقصير في بعض الأمور - وهؤلاء أضاعوها. بل أضاعوا الدين والدنيا وجعلوا المسلمين في آخر الركب ومن أضعف الشعوب، وحولوا الأوطان إلى سجن كبير.

يقول ابن حزم واصفاً بعضاً من حكام زمانه - وحكامنا اليوم أسوأ منهم -: "اللهم إنا نشكو إليك تشاغل أهل الممالك من أهل ملتنا بدنياهم عن إقامة دينهم، وبعمارة قصور يتركونها عما قريب عن عمارة شريعتهم اللازمة لهم في معادهم ودار قرارهم وبجمع أموال ربما كانت سبباً في انقراض أعمارهم وعوناً لأعدائهم عليهم..." ويقول أيضاً: "وإن كل مدبر مدينة أو حصن في شيء من أندلسنا هذه أولها عن آخرها محارب لله تعالى ورسوله، ساع في الأرض بفساد، ضاربون للمكوس والجزية على رقاب المسلمين، مسلطون لليهود على قوارع طرق المسلمين، معتذرون بضرورة لا تبيح ما حرم الله غرضهم فيها استدامة نفاذ أمرهم، والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها، فنحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنونهم من حرم المسلمين وأبنائهم، وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعاً، فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس، لعن الله جميعهم وسلط عليهم سيفاً من سيوفه..".[2][2]

أرأيت - أخي القارئ - رأي هذا العالم الجهبذ بهؤلاء الحكام، وكأنه يتكلم عن واقعنا حرفاً حرفاً.

بعد هذه المقدمة التي لابد منها، نستعرض نماذج من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ونرى هدي السلف في النصح والشدة فيه:

فمنهم: "هشام بن حكيم بن حزام الأسدي القرشي كان ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أنكر شيئاً قال: لا يكون هذا ما عشت أنا وهشام بن حكيم، وفي الاستيعاب عن مالك عن ابن شهاب قال: كان هشام بن حكيم في نفر من أهل الشام يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ليس لأحد عليهم إمارة، قال مالك: كانوا يمشون في الأرض بالإصلاح والنصيحة يحتسبون".[3][3]

ومنهم: "التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح، دخل على عبد الملك بن مروان فقال له: يا أبا محمد: حاجتك؟ قال: يا أمير المؤمنين. اتق الله في حرم الله، وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور، فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين، فإنك وحدك المسؤول عنهم... واتق الله فيمن على بابك، فلا تغفل عنهم، ولا تغلق دونهم بابك، فقال له: أفعل، ثم نهض وقام".[4][4]

ومنهم: الإمام الأوزاعي رحمه الله، الذي تحدث عن لقائه بعبد الله بن علي العباسي عندما قدم الشام وقد قتل من بني أمية العدد الكثير، يقول: بعث إليّ، فلما قمت مقاماً يسمعني، وسلمت قال: أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي؟ قلت: نعم أصلح الله الأمير. قال: ما تقول في دماء بني أمية؟ - فسأل مسألة رجل يريد أن يقتل رجلاً - فقلت: قد كان بينك وبينهم عهود، فقال: ويحك اجعلني وإياهم لا عهد بيننا، فأجهشت نفسي وكرهت القتل فذكرت مُقامي بين يدي الله عز وجل، فلفظتها، فقلت: دماؤهم عليك حرام، فغضب وانتفخت عيناه وأوداجه، فقال لي: ويحك ولم؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: ثيب زان، ونفس بنفس، وتارك لدينه" قال: ويحك، أوليس الأمر لنا ديانة؟ قلت: وكيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي، قلت: لو أوصى إليه ما حَكَّم الحكمين، فسكت، وقد اجتمع غضباً، فجعلت أتوقع رأسي تقع بين يدي، فقال بيده هكذا، أومأ أن أخرجوه فخرجت.." ويعلق الذهبي على قصة الأوزاعي مع عبد الله بن علي فيقول: قد كان عبد الله بن علي ملكاً جباراً، سفاكاً للدماء، صعب المراس، ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمرِّ الحق كما ترى لا كخلق من علماء السوء الذين يُحسِّنون للأمراء ما يقتحمون به من الظُلم والعَسْف، ويقلبون لهم الباطل حقاً قاتلهم الله، أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق".[5][5]

"ومنهم الإمام محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب القرشي العامري كان خشن العيش قواماً بالحق، لما حج أبو جعفر المنصور دعاه وقال له: نشدتك بالله، ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب: أما إذا نشدتني بالله فأقول: اللهم لا، ما أراك تعدل، وإنك لجائر، وإنك لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير، فجزع أبو جعفر وقال له: قم فاخرج [6][6] وفي رواية أنه قال له: ما تقول فيَّ؟ وأعاد عليه، فقال: ورب هذه البنية [7][7] إنك لجائر. ولما حج المهدي (ابن المنصور) ودخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبق أحداً إلا قام له إلا ابن أبي ذئب، فقيل له: قم، قال: إنما يقوم الناس لرب العالمين، فقال المهدي: دعوه فقد قامت كل شعرة في رأسي".[8][8]...

























عاشق الجنان
عاشق الجنان
مراقب
مراقب

عدد المساهمات : 43
نقاط : 21489
تاريخ التسجيل : 07/05/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى