سب ومحبة في نفس الوقت
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سب ومحبة في نفس الوقت
خطاب مفتوح إلى البابا بنديكتوس السادس عشر
الدكتورة زينب عبد العزيز
حضرة المحترم/ أسقف روما، ومندوب يسوع المسيح، وخليفة أمير الرسل، و الحبر الأعظم للكنيسة العالمية، وكبير أساقفة إيطاليا، والمطران الأسقفي للمقاطعة الرومية، ورئيس دولة مدينة الفاتيكان، وخادم خدّام الله، ـ ولم أذكر" باتريارك الغرب" لأنكم تنازلتم عنه.. كما لا يجوز لي إغفال لقب: رئيس مكتب عقيدة الإيمان (محاكم التفتيش سابقًا)، والأستاذ المتفرغ بالجامعات الألمانية، البابا بندكتوس السادس عشر،.....
أبدأ بهمسة عتاب كزميلة في اللقب الجامعي ـ وهو المستوى الذي يدور في نطاقه هذا الخطاب ـ وكإنسانة مسلمة، نالها من الإهانة والمرارة والألم ما نال المسلمين في العالم أجمع مما ورد في المحاضرة التي ألقيتموها، في جامعة راتيسبون بألمانيا، تحت عنوان:
" العنف يتعارض مع طبيعة الله ومع طبيعة الروح"
فمن يحمل على كاهله أمانة ومسؤولية كل هذه الألقاب، عار عليه أن يتدنى إلى مستوى السب العلني لدين يتمسك به و يتّبعه أكثر من خمس سكان العالم.. وعار عليه أن يختار موقف التحدي الاستفزازي للنيل من الإسلام و المسلمين.. وهو موقف يندرج بلا شك ضمن مسلسل الإساءة و المحاصرة الذي بدأ منذ بداية انتشار الإسلام و يتواصل حتى يومنا هذا. أنه موقف وضعكم على أرض احتقار الآخر، و الكذب، و الجهل، باختياركم، وكلها تشبيهات لا تليق بمن في مثل منصبكم. فهو موقف يكشف عن مدى جهلكم بدينكم وبدين الآخرين من جهة، و من جهة أخرى، هو موقف أشبه ما يكون بإطلاق العنان لحملات صليبية جديدة ما أغنانا جميعا عنها..
وتؤكد جريدة "لاكروا " المسيحية الصادرة في 17 / 9 / 2006، أن المحاضرة قد تم الإعداد لها طويلاً، وقرأها العديد من المحيطين بكم، مثلما يحدث مع كافة النصوص العامة على الأقل. كما تؤكد الجريدة أنه منذ يوم الاثنين 11 / 9 و " بينما لم يكن البابا قد نطق محاضرته بعد، صدرت الصحف الإيطالية بعناوين حول بنديكت السادس عشر و الإسلام "! الأمر الذي يؤكد ربط هذه المحاضرة في هذا التوقيت بمسرحية الحادي عشر من سبتمبر!.. فما أصبح معروف يقينا رغم التمويه الشديد، أن الأيادي المدبرة أمريكية رفيعة المستوى. وكان هدف المحاضرة واضحا في ربطه بين الإسلام والإرهاب والشر.. أي أنه موقف متعمّد.
ولقد جاء ردكم وتعبيركم عن " الحزن " الذي انتابكم من ردود الأفعال التي أثارتها محاضرتكم كعذر أقبح من ذنب، فالباحث الأكاديمي حينما يستشهد في بحثه، يكون ذلك لأحد أمرين: إما لتأييد موقفه، وإما لنقد ذلك الاستشهاد ـ ولا يوجد هناك ما يسمى باستشهاد لا يعبر عن رأى كاتبه بالمعنى الذي حاولتم التبرير به: فالكاتب هو الذي يستشهد. وقولكم أن هذه العبارات لا تعبر عن رأيكم الشخصي، في الوقت الذي يؤكد صلب المحاضرة وسابق كتاباتكم وخاصة خطابكم الرسولي كلها كتابات تؤكد أنكم تعنونه، وذلك يضعكم في مصاف أولئك الباحثين الذين يضعون أفكارهم على لسان غيرهم حتى لا تحسب عليهم خشية عواقبها.. وهو موقف علمي يوصف بالجبن ولا يليق بمن في مكانتكم.
وحتى التصريح الصادر عن المكتب الإعلامي للفاتيكان يوم السبت 16/ 9/ 2006 والذي استشهد فيه المتحدث الرسمي بقرار وثيقة " في زماننا هذا " الصادرة عن مجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965، فهو أيضا بمثابة عذر أقبح من ذنب، ويكشف عن الموقف غير الكريم والملتوي ـ لكي لا أقول ذو الوجهين للفاتيكان. فمن يطّلع على محاضر صياغة هذا النص تحديدا يصاب بالغثيان من كثرة ما جاهد كاتبوه لاستبعاد أن العرب من سلالة إسماعيل، الابن البكر لسيدنا إبراهيم، ولا ينتمون إليه، وإنما يتخذونه مثلاً!. واستبعاد حتى أن الله قد خاطب المسلمين عن طريق الوحي إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والمرجع صادر عن الفاتيكان بعنوان " الكنيسة والديانات غير المسيحية"، وبه محاضر الجلسات المخجلة. الأمر الذي يوضح مدى تمسككم باستمرار ذلك الموقف غير الأمين تجاه الإسلام و المسلمين، لعدم الاعتراف به كديانة توحيدية. وسواء اعترفتم أو لا تعترفم به فالإسلام موجود ومعترف به من الجميع على أنه الرسالة التوحيدية الثالثة المرسلة للبشر، ورفضه أو إنكاره لا يدين إلا شخصكم.
ولا يسع المجال هنا لتناول مختلف النقاط التي طرحتموها في تلك المحاضرة والتي تزيد عن العشرين موضوعا، وسأكتفي بالرد على ما يخص الإسلام، وهما نقطتان أساسيتان: ما وصفتم به الله عز وجل في " المذهب الإسلامي " من أن التصعيد المطلق لله عبارة عن مفهوم لا يتفق ولا يتمشى مع العقل والمنطق، ولا يمكن فهمه، وأن إرادته لا ترتبط بأي واحدة من فئاتكم المنطقية، ولا حتى فئة المعقول؛ وأن سيدنا محمد عليه صلوات الله، لم يأت إلا بكل ما هو شر ولا إنساني، مثل أمره بنشر العقيدة التي يبشر بها بالسيف!.
وأول ما يجب توضيحه هنا هو ان الإسلام ليس بمذهب، كما وصفتمونه، وإنما دين توحيدي متكامل، شامل الأركان، ثابت وراسخ، وخاصة شديد المنطق والوضوح وهو ما يجذب الناس إليه. و مجرد إغفال مثل هذه الحقيقة يوصم موقفكم ويكشف عن مدى عدم الأمانة العلمية والموضوعية التي تتمسكون بها!
ولن أحدثكم هنا عن الإسلام الذي يمكنكم دراسته إن شئتم، لكنني سأسألكم عن الكتاب المقدس بعهديه، والذي ترون أنه بقسميه يتفق مع العقل والمنطق دونا عن القرآن، مشيرين في موضع آخر " أن العنف يتعارض مع طبيعة الله وطبيعة الروح، وأن الله لا يحب الدم و التصرف بمنافاة العقل يعد ضد طبيعة الله ". وهنا لا يسعني إلا أن أسألكم عن كل ما هو وارد بالعهد القديم من أمر الإله يهوة لأتباعه بإبادة كل القرى وحرقها وذبح الرجال والنساء والأطفال بحد السيف وأخذ الذهب والفضة... وفي مكان آخر يطلب تعذيبهم و تقطيعهم وحرقهم في أفران الطوب... هل تتمشى مثل هذه الآيات مع العقل والمنطق في نظركم؟ وخاصة هل ترونها تخلو من الشر واللا إنسانية؟! أم هذا هو التسامح الذي تقرونه!
وما هو وارد في سفر حذقيال حين يأمره الرب أن يأكل خبزا وعليه "خراء الإنسان " وحينما اشتكى النبي حزقيال أمره أن يضيف عليه روث البقر! هل يتمشى هذا مع العقل والمنطق في نظركم؟! وأخجل حقًا من ذكر بعض الإباحيات الواردة بهذا النص وغيره رغم محاولة درئها بتغييرها أو تعديلها من طبعة لأخرى.. والنصوص والطبعات موجودة.
أما في المسيحية التي تترأسون أعلى المناصب فيها، فأبدأ بسؤالكم عن تأليه السيد المسيح في مجمع نيقية الأول سنة 325، رغم وجود العديد من الآيات التي يقول فيها السيد المسيح أن "الرب إلهنا واحد " (مرقس 12:29)، "ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله" (متى 16:19 )، "إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي و إلهكم " (يوحنا 20:17)، " للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" (متى 4:10)، وما أكثر الآيات التي يوضح فيها أنه إنسان:" أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " (يوحنا 8:40)، كما أن هناك آيات تقول:" هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل " (21:11)، و"قد قام فينا نبي عظيم " (لوقا 7:16).. ورغم كل هذه التأكيدات التي لا تزال موجودة ولم تمحى بعد، قامت المؤسسة الكنسية بإعلان أن يسوع "إله حقيقي من إله حقيقي، مولود وليس مخلوق، ومشارك للآب في الجوهر".. وبعد ذلك جعلته الله شخصيا، فهل تتمشى كل هذه المغالطات مع العقل والمنطق ـ رغم أنها أدت إلى تقسيم المسيحية وإلى مذابح بين أتباعها؟!
وفي مجمع القسطنطينية الأول تمت إضافة أن " الروح القدس مشارك للآب في الجوهر"، مما أدى إلى إنفصال آخر للكنائس. وفي مجمع أفسوس سنة 431 أقر المجمع بدعة " أن مريم أم الله "، مما أدى إلى معارك وانفصالات اخرى.. وفي مجمع خلقيدونيا سنة 451 أقر "الطبيعة الثنائية ليسوع ".. وكلها عقائد وقرارات لا يذكر ولا يعرف عنها يسوع أي شئ، فهل هذا يتمشى مع العقل والمنطق؟!
والمعروف من إصداراتكم أنه لم يتم تقبل عقيدة التثليث لقرون طويلة بين الكنائس، بحيث نطالع في قرار مجمع فلورنسا المنعقد سنة 1439، الذي راح يحدد لليعاقبة معنى الثالوث لفرضه بلا رجعة، وينص القرار على ما يلي: " إن العلاقة وحدها هي التي تفرق بين الأشخاص، لكن الأشخاص الثلاثة يكوّنون إله واحد وليس ثلاثة آلهة، لأنهم من جوهر واحد، و طبيعة واحدة، وألوهية واحدة، وضخامة واحدة، وخلود واحد، وأن ثلاثتهم واحد حيث لا تمثل العلاقة أي تعارض "، وعلى الذين لا يروقهم هذا الوضوح تجيب الكنيسة: أنه سرّ ! فهل مثل هذا المنطق هو الذي ترونه يتمشى مع العقل السليم ؟!..
تعتبرون سيادتكم أن نصوص الكتاب المقدس بعهده القديم، القائم على الترجمة السبعينية، وأناجيله الأربعة وباقي الكتب المرفقة، هو الكتاب الذي يعتد به فهو يحتوى على الإيمان الإنجيلي وتستعينون بفكره طوال محاضرتكم بعد استبعاد القرآن. والمعروف تاريخيا أن القديس جيروم هو الذي صاغه بأمر من البابا داماز، بعد توليفه من أكثر من خمسين إنجيلا كانت منتشرة ومستخدمة حتى القرن الرابع. وعند الفراغ من مهمته كتب مقدمة للعهد الجديد موجها إياها للبابا داماز يقول فيها:
" إلى قداسة البابا داماز، من جيروم
خطاب مفتوح إلى البابا بنديكتوس السادس عشر
الدكتورة زينب عبد العزيز
حضرة المحترم/ أسقف روما، ومندوب يسوع المسيح، وخليفة أمير الرسل، و الحبر الأعظم للكنيسة العالمية، وكبير أساقفة إيطاليا، والمطران الأسقفي للمقاطعة الرومية، ورئيس دولة مدينة الفاتيكان، وخادم خدّام الله، ـ ولم أذكر" باتريارك الغرب" لأنكم تنازلتم عنه.. كما لا يجوز لي إغفال لقب: رئيس مكتب عقيدة الإيمان (محاكم التفتيش سابقًا)، والأستاذ المتفرغ بالجامعات الألمانية، البابا بندكتوس السادس عشر،.....
أبدأ بهمسة عتاب كزميلة في اللقب الجامعي ـ وهو المستوى الذي يدور في نطاقه هذا الخطاب ـ وكإنسانة مسلمة، نالها من الإهانة والمرارة والألم ما نال المسلمين في العالم أجمع مما ورد في المحاضرة التي ألقيتموها، في جامعة راتيسبون بألمانيا، تحت عنوان:
" العنف يتعارض مع طبيعة الله ومع طبيعة الروح"
فمن يحمل على كاهله أمانة ومسؤولية كل هذه الألقاب، عار عليه أن يتدنى إلى مستوى السب العلني لدين يتمسك به و يتّبعه أكثر من خمس سكان العالم.. وعار عليه أن يختار موقف التحدي الاستفزازي للنيل من الإسلام و المسلمين.. وهو موقف يندرج بلا شك ضمن مسلسل الإساءة و المحاصرة الذي بدأ منذ بداية انتشار الإسلام و يتواصل حتى يومنا هذا. أنه موقف وضعكم على أرض احتقار الآخر، و الكذب، و الجهل، باختياركم، وكلها تشبيهات لا تليق بمن في مثل منصبكم. فهو موقف يكشف عن مدى جهلكم بدينكم وبدين الآخرين من جهة، و من جهة أخرى، هو موقف أشبه ما يكون بإطلاق العنان لحملات صليبية جديدة ما أغنانا جميعا عنها..
وتؤكد جريدة "لاكروا " المسيحية الصادرة في 17 / 9 / 2006، أن المحاضرة قد تم الإعداد لها طويلاً، وقرأها العديد من المحيطين بكم، مثلما يحدث مع كافة النصوص العامة على الأقل. كما تؤكد الجريدة أنه منذ يوم الاثنين 11 / 9 و " بينما لم يكن البابا قد نطق محاضرته بعد، صدرت الصحف الإيطالية بعناوين حول بنديكت السادس عشر و الإسلام "! الأمر الذي يؤكد ربط هذه المحاضرة في هذا التوقيت بمسرحية الحادي عشر من سبتمبر!.. فما أصبح معروف يقينا رغم التمويه الشديد، أن الأيادي المدبرة أمريكية رفيعة المستوى. وكان هدف المحاضرة واضحا في ربطه بين الإسلام والإرهاب والشر.. أي أنه موقف متعمّد.
ولقد جاء ردكم وتعبيركم عن " الحزن " الذي انتابكم من ردود الأفعال التي أثارتها محاضرتكم كعذر أقبح من ذنب، فالباحث الأكاديمي حينما يستشهد في بحثه، يكون ذلك لأحد أمرين: إما لتأييد موقفه، وإما لنقد ذلك الاستشهاد ـ ولا يوجد هناك ما يسمى باستشهاد لا يعبر عن رأى كاتبه بالمعنى الذي حاولتم التبرير به: فالكاتب هو الذي يستشهد. وقولكم أن هذه العبارات لا تعبر عن رأيكم الشخصي، في الوقت الذي يؤكد صلب المحاضرة وسابق كتاباتكم وخاصة خطابكم الرسولي كلها كتابات تؤكد أنكم تعنونه، وذلك يضعكم في مصاف أولئك الباحثين الذين يضعون أفكارهم على لسان غيرهم حتى لا تحسب عليهم خشية عواقبها.. وهو موقف علمي يوصف بالجبن ولا يليق بمن في مكانتكم.
وحتى التصريح الصادر عن المكتب الإعلامي للفاتيكان يوم السبت 16/ 9/ 2006 والذي استشهد فيه المتحدث الرسمي بقرار وثيقة " في زماننا هذا " الصادرة عن مجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965، فهو أيضا بمثابة عذر أقبح من ذنب، ويكشف عن الموقف غير الكريم والملتوي ـ لكي لا أقول ذو الوجهين للفاتيكان. فمن يطّلع على محاضر صياغة هذا النص تحديدا يصاب بالغثيان من كثرة ما جاهد كاتبوه لاستبعاد أن العرب من سلالة إسماعيل، الابن البكر لسيدنا إبراهيم، ولا ينتمون إليه، وإنما يتخذونه مثلاً!. واستبعاد حتى أن الله قد خاطب المسلمين عن طريق الوحي إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والمرجع صادر عن الفاتيكان بعنوان " الكنيسة والديانات غير المسيحية"، وبه محاضر الجلسات المخجلة. الأمر الذي يوضح مدى تمسككم باستمرار ذلك الموقف غير الأمين تجاه الإسلام و المسلمين، لعدم الاعتراف به كديانة توحيدية. وسواء اعترفتم أو لا تعترفم به فالإسلام موجود ومعترف به من الجميع على أنه الرسالة التوحيدية الثالثة المرسلة للبشر، ورفضه أو إنكاره لا يدين إلا شخصكم.
ولا يسع المجال هنا لتناول مختلف النقاط التي طرحتموها في تلك المحاضرة والتي تزيد عن العشرين موضوعا، وسأكتفي بالرد على ما يخص الإسلام، وهما نقطتان أساسيتان: ما وصفتم به الله عز وجل في " المذهب الإسلامي " من أن التصعيد المطلق لله عبارة عن مفهوم لا يتفق ولا يتمشى مع العقل والمنطق، ولا يمكن فهمه، وأن إرادته لا ترتبط بأي واحدة من فئاتكم المنطقية، ولا حتى فئة المعقول؛ وأن سيدنا محمد عليه صلوات الله، لم يأت إلا بكل ما هو شر ولا إنساني، مثل أمره بنشر العقيدة التي يبشر بها بالسيف!.
وأول ما يجب توضيحه هنا هو ان الإسلام ليس بمذهب، كما وصفتمونه، وإنما دين توحيدي متكامل، شامل الأركان، ثابت وراسخ، وخاصة شديد المنطق والوضوح وهو ما يجذب الناس إليه. و مجرد إغفال مثل هذه الحقيقة يوصم موقفكم ويكشف عن مدى عدم الأمانة العلمية والموضوعية التي تتمسكون بها!
ولن أحدثكم هنا عن الإسلام الذي يمكنكم دراسته إن شئتم، لكنني سأسألكم عن الكتاب المقدس بعهديه، والذي ترون أنه بقسميه يتفق مع العقل والمنطق دونا عن القرآن، مشيرين في موضع آخر " أن العنف يتعارض مع طبيعة الله وطبيعة الروح، وأن الله لا يحب الدم و التصرف بمنافاة العقل يعد ضد طبيعة الله ". وهنا لا يسعني إلا أن أسألكم عن كل ما هو وارد بالعهد القديم من أمر الإله يهوة لأتباعه بإبادة كل القرى وحرقها وذبح الرجال والنساء والأطفال بحد السيف وأخذ الذهب والفضة... وفي مكان آخر يطلب تعذيبهم و تقطيعهم وحرقهم في أفران الطوب... هل تتمشى مثل هذه الآيات مع العقل والمنطق في نظركم؟ وخاصة هل ترونها تخلو من الشر واللا إنسانية؟! أم هذا هو التسامح الذي تقرونه!
وما هو وارد في سفر حذقيال حين يأمره الرب أن يأكل خبزا وعليه "خراء الإنسان " وحينما اشتكى النبي حزقيال أمره أن يضيف عليه روث البقر! هل يتمشى هذا مع العقل والمنطق في نظركم؟! وأخجل حقًا من ذكر بعض الإباحيات الواردة بهذا النص وغيره رغم محاولة درئها بتغييرها أو تعديلها من طبعة لأخرى.. والنصوص والطبعات موجودة.
أما في المسيحية التي تترأسون أعلى المناصب فيها، فأبدأ بسؤالكم عن تأليه السيد المسيح في مجمع نيقية الأول سنة 325، رغم وجود العديد من الآيات التي يقول فيها السيد المسيح أن "الرب إلهنا واحد " (مرقس 12:29)، "ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله" (متى 16:19 )، "إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي و إلهكم " (يوحنا 20:17)، " للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" (متى 4:10)، وما أكثر الآيات التي يوضح فيها أنه إنسان:" أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " (يوحنا 8:40)، كما أن هناك آيات تقول:" هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل " (21:11)، و"قد قام فينا نبي عظيم " (لوقا 7:16).. ورغم كل هذه التأكيدات التي لا تزال موجودة ولم تمحى بعد، قامت المؤسسة الكنسية بإعلان أن يسوع "إله حقيقي من إله حقيقي، مولود وليس مخلوق، ومشارك للآب في الجوهر".. وبعد ذلك جعلته الله شخصيا، فهل تتمشى كل هذه المغالطات مع العقل والمنطق ـ رغم أنها أدت إلى تقسيم المسيحية وإلى مذابح بين أتباعها؟!
وفي مجمع القسطنطينية الأول تمت إضافة أن " الروح القدس مشارك للآب في الجوهر"، مما أدى إلى إنفصال آخر للكنائس. وفي مجمع أفسوس سنة 431 أقر المجمع بدعة " أن مريم أم الله "، مما أدى إلى معارك وانفصالات اخرى.. وفي مجمع خلقيدونيا سنة 451 أقر "الطبيعة الثنائية ليسوع ".. وكلها عقائد وقرارات لا يذكر ولا يعرف عنها يسوع أي شئ، فهل هذا يتمشى مع العقل والمنطق؟!
والمعروف من إصداراتكم أنه لم يتم تقبل عقيدة التثليث لقرون طويلة بين الكنائس، بحيث نطالع في قرار مجمع فلورنسا المنعقد سنة 1439، الذي راح يحدد لليعاقبة معنى الثالوث لفرضه بلا رجعة، وينص القرار على ما يلي: " إن العلاقة وحدها هي التي تفرق بين الأشخاص، لكن الأشخاص الثلاثة يكوّنون إله واحد وليس ثلاثة آلهة، لأنهم من جوهر واحد، و طبيعة واحدة، وألوهية واحدة، وضخامة واحدة، وخلود واحد، وأن ثلاثتهم واحد حيث لا تمثل العلاقة أي تعارض "، وعلى الذين لا يروقهم هذا الوضوح تجيب الكنيسة: أنه سرّ ! فهل مثل هذا المنطق هو الذي ترونه يتمشى مع العقل السليم ؟!..
تعتبرون سيادتكم أن نصوص الكتاب المقدس بعهده القديم، القائم على الترجمة السبعينية، وأناجيله الأربعة وباقي الكتب المرفقة، هو الكتاب الذي يعتد به فهو يحتوى على الإيمان الإنجيلي وتستعينون بفكره طوال محاضرتكم بعد استبعاد القرآن. والمعروف تاريخيا أن القديس جيروم هو الذي صاغه بأمر من البابا داماز، بعد توليفه من أكثر من خمسين إنجيلا كانت منتشرة ومستخدمة حتى القرن الرابع. وعند الفراغ من مهمته كتب مقدمة للعهد الجديد موجها إياها للبابا داماز يقول فيها:
" إلى قداسة البابا داماز، من جيروم
هموم مواطن- مشرف
- عدد المساهمات : 3
نقاط : 11357
تاريخ التسجيل : 10/05/2009
سب ومحبة في نفس الوقت
تحثني على أن أقوم بتحويل عمل قديم لأخرج منه بعمل جديد، وتريد منى أن أكون حكماً على نُسخ كل تلك النصوص الإنجيلية المتناثرة في العالم، وأن أختار منها وأقرر ما هي تلك التي حادت أو تلك التي هي أقرب حقًا من النص اليوناني. أنها مهمة ورعة، لكنها مغامرة خطرة إذ سيتعيّن علىّ تغيير أسلوب العالم القديم و أعيده إلى الطفولة. وأن أقوم بالحكم على الآخرين يعنى في نفس الوقت أنهم سيحكمون فيه على عملي. فمن من العلماء أو حتى من الجهلاء، حينما سيمسك بكتابي بين يديه ويلحظ التغيير الذي وقع فيه، بالنسبة للنص الذي اعتاد قراءته، ولن يصيح بالشتائم ضدي ويتهمني بأنني مزوّر و مدنس للمقدسات، لأنني تجرأت وأضفت، وغيّرت، و صححت في هذه الكتب القديمة؟
" وحيال هذه الفضيحة، هناك شيئان يخففان من روعي، الأمر الأول: أنك أنت الذي أمرتني بذلك؛ و الأمر الثاني: أن ما هو ضلال لا يمكن أن يكون حقًا. وهو ما تقره أقذع الألسنة شراسة. وإذا كان علينا أن نضفي بعض المصداقية على مخطوطات الترجمة اللاتينية، ليقل لنا أعداؤنا أيها أصوب، لأن هناك من الأناجيل بعدد الاختلاف بين نصوصها. ولماذا لا يروقهم أن أقوم بالتصويب اعتمادا على المصادر اليونانية لتصويب الأجزاء التي أساء فهمها المترجمون الجهلاء، أو بدّلوها بسوء نيّة، أو حتى قام بعض الأدعياء بتعديلها.
"وإذا كان علينا دمج المخطوطات، فما يمنع أن نرجع ببساطة إلى الأصول اليونانية ونبعد بذلك عن أخطاء الترجمات السيئة أو التعديلات غير الموفقة من جانب الذين تصوروا أنهم علماء، أو الإضافات التي ادخلها الكتبة النعسانين؟ أنني لا أتحدث هنا عن العهد القديم والترجمة السبعينية باللغة اليونانية التي لم تصلنا إلا بعد ثلاث ترجمات متتالية من العبرية إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية. ولا أود أن أبحث هنا ما الذي سيقوله أكويلا أو سيماّك، أو لماذا آثر تيودوسيان الوسط بين المترجمين القدامى و الحداث. لذلك سأعتمد على الترجمة التي يمكن أن يكون قد عرفها الحواريون.
" وأتحدث الآن عن العهد الجديد، المكتوب بلا شك باللغة اليونانية فيما عدا إنجيل متّى الذي كان قد استعان أولا بالعبرية لنشره في منطقة اليهودية. إن هذا الإنجيل يختلف يقينا عن الذي بلغتنا نظرا لتعدد المصادر التي استعانوا بها لتكوينه. وقد آثرت أن أرجع إلى نص أساسي، فلا أود الاستعانة بترجمات المدعوان لوشيانوس أو هزيكيوس التي يدافع عنها البعض بضراوة عن غير وجه حق، واللذان لم يكن من حقهما مراجعة لا العهد القديم بعد ترجمة السبعينية، ولا أن يقوما بمراجعة النصوص الجديدة. فالنصوص الإنجيلية التي وصلتنا بلغات شعوب مختلفة توضح مدى الأخطاء والإضافات التي بها. وإذا كنت قد قمت بذلك بالنسبة للنسخ المكتوبة بلغتنا فلا بد وأن أعترف بأنني لم استفد منها شيئا."
ذلك هو حال الكتاب الذي تعتبرونه مقدسا ! وأكتفي بهذا القدر من الاستشهاد لأن باقي النص متعلق بترتيب الأناجيل و تبويبها. وكان ذلك في القرن الرابع الميلادي. أي أنه حتى ذلك التاريخ لم تكن الأناجيل المعروفة حاليًا قد استتب أمرها. واندلعت الخلافات بين الكنائس لمدة قرون طويلة، حتى قامت المؤسسة الكنسية الكبرى بفرض هذا الكتاب المقدس على الأتباع على أنه نصا منزلا و " أن مؤلفه هو الله "، وذلك في المجمع التريدنتى سنة 1547. ثم قام مجمع الفاتيكان الأول المنعقد في عامى1869 و1870 بإعلان أن الكتاب المقدس بعهديه " كتب بالهام من الروح القدس، وان مؤلفه هو الله، وأنها قد أُعطيت هكذا للكنيسة ".. أما مجمع الفاتيكان الثاني المنعقد بعد ذلك بحوالي تسعين عامًا، ظهرت خلالها من الدراسات والأبحاث التي أطاحت بمصداقية الكتاب المقدس، ما جعله يعلن عن إصحاحات هذا الكتاب المقدس قائلاً: " أن هذه الكتب وإن كانت تتضمن الناقص و الباطل، فهي مع ذلك شهادات لعلم تربية إلهي حقيقي" !.. ترى يا سيادة البابا هل هذا هو المنطق الذي ترونه حقا ومفهومًا؟!..
ولا تفوتنا هنا الإشارة إلى " ندوة عيسى " التي انعقدت في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1992، وان أهم ما خرج به فريق العلماء المساهمين فيها وهم حوالي 200 باحثًا لاهوتيًا وأكاديميا، أن 82 % من الأقوال المنسوبة إلى يسوع لم يتفوه بها وإنما صاغها كتبة الأناجيل، وأن موت يسوع وبعثه حدث في المكان و بالكيفية التي أرادها كتبة الأناجيل.. (صفحة 24 من مقدمة الكتاب الصادر عن الندوة).. وما يأسف له هؤلاء العلماء هو الجهل الشديد لدى عامة المسيحيين بكتابهم المقدس وخاصة بالعهد الجديد، وهو مستوى يرون أنه يصل إلى درجة الأمية! واللهم لا تعليق على ما تعتبرونه مصدرا للعقل و المنطق والإلهام!!
تقولون في خطبتكم الموقرة أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لم يأت إلا بأشياء شريرة ولاإنسانية، من قبيل أمره أن يتم نشر ما يبشر به بالسيف... لعلكم لا تجهلون أن البابا أوربان الثاني هو الذي أعلن قيام الحروب الصليبية باسم الرب في مجمع كليرمونت، قائلا: " إن الله يريدها "، و أنه أطلق على المساهمين فيها لقب "جند يسوع " وأمرهم بوضع علامة الصليب على ثيابهم وعتادهم، و وعد بغفران ذنوبهم وإعفائهم من الضرائب و أغدق عليهم العطايا.. ويصف المؤرخ المرافق للحملة و المعروف باسم " لانونيم " قائلاً: " تم طرد المدافعين عن المدينة (القدس) بقتلهم وبترهم بالسيوف أحياء، حتى معبد سليمان. وقد وقعت مجزرة لا مثيل لها بحيث أن جنودنا كانوا يغوصون بأقدامهم في الدماء حتى عراقيبهم "، ثم يضيف بعد ذلك قائلا: " لعل ما أدى إلى نجاح ذلك الهجوم وغيره الانقسام الذي كان سائدًا آنذاك بين المسلمين ". وعندما سادت المجاعة أيام حصار عكا كان الصليبيون يسلقون أطفال المسلمين ويأكلونهم.. أذلك هو ما يندرج تحت مسمى العقل والأعمال الإنسانية وعدم الإنتشار بالسيف؟!
كما تم إنشاء محاكم التفتيش لتواكب أعمالها ولتواصل ما أُطلق عليه عصر الظلمات الذي امتد حوالي ألف عام، بمنع الأتباع من قراءة إنجيلهم ومنع التعليم إلا على رجال الدين..و المعروف أن الحروب الصليبية لم توجه ضد المسلمين وحدهم في الأراضي المقدسة، وإنما امتدت إلى إسبانيا لتعاون في اقتلاع الإسلام، كما امتدت إلى أوروبا وجنوب شرق فرنسا لاقتلاع شعوب الكاتار والبوجوميل والفودوَا لأنهم حتى ذلك الوقت كانوا رافضين لبدعة تأليه السيد المسيح.. وما تذكره المراجع التاريخية والعلمية عن عمليات التعذيب التي تفننت فيها محاكم التفتيش من حرقها الناس أحياء أو خزء عيونهم أو انتزاع لسانهم وهم أحياء أو دهن أرجلهم بالزيت ووضعها فوق النار بعد ربطهم حتى لا يتحركون من أماكنهم ليصيب القارئ بالغثيان.. وما كتبه القس بارتولوميه دى لاس كازاس عن وحشية أعمال المبشرين ورجال الكنيسة وجنودها عند غزوهم شعوب أمريكا الجنوبية يفوق الخيال في بشاعته.. ولم يُسمح بنشر مذكراته إلا في أواخر القرن العشرين. ولا يسع المجال هنا للتحدث عن الحروب الدينية بين المسيحيين كحرب الخمسين عاما، والمائة عاما، والمجازر المميزة كمجزرة البروتستانت المعروفة باسم سانت بارتليمى.. ولا عن سرد كيفية تم فرض المسيحية بالسيف على أوروبا وضواحيها أو على باقي بعض شعوب العالم.
وإذا ما تم حصر أعداد كل الذين تم قتلهم بأمر من الكنيسة الكاتوليكية الرومية الرسولية لوصل إلى مئات الملايين من الأبرياء، وهو ما تذخر به المراجع.. فمثل هذه الأعمال تندرج تحت أي منطق في نظر سيادتكم، أم لعلكم تباركونها لبراءتها و تسامحها المسيحي!
سيادة الأستاذ والباحث المبجل، إن كل ما تقدم وأكثر منه بكثير هو ثابت علميًا وتاريخيًا ووثائقيا، بل أكثر منه جد كثير ولا يسع المجال هنا لذكره.. إنها مجرد شذرات.
تقولون في الفقرة الثالثة من محاضرتكم أن الله لا يحب الدم، ومع ذلك تصرّون على استمرار العقيدة التي تفرض على الأتباع شرب دمه وأكل لحمه عند تناول الإفخارستيا. ومن لا يؤمن بذلك إيمانا قاطعا بأنه يشرب دمه فعلا ويأكل لحمه فعلا يكون كافرًا وملعونًا.. ومن الواضح أن هناك العديد من الأتباع الذين ينفرون من مجرد هذه الفكرة، وتفاوتت حدة الصراعات الرافضة للإفخارستيا بالمعنى الكنسي، وكان من أشهر هؤلاء جان فيكليف الذي أدانه مجمع كونستانس 1418 لأنه نادى بأن الخبز والنبيذ لا يتبدلان في القربان ولا يتحولان، وان المسيح لا يتواجد فعلاً بلحمه ودمه في القربان. فأدان المجمع كل مؤلفاته واتهمه بالهرطقة، وبعد موته أمر المجمع بنبش قبره لإلقاء عظامه بعيدا عن المدافن الكنسية (المجمع المسكونية، ج2 صفحة 859). ثم قام مجمع لاتران بادخال هذا الطقس الدموي ضمن عقيدة الإيمان!
" وحيال هذه الفضيحة، هناك شيئان يخففان من روعي، الأمر الأول: أنك أنت الذي أمرتني بذلك؛ و الأمر الثاني: أن ما هو ضلال لا يمكن أن يكون حقًا. وهو ما تقره أقذع الألسنة شراسة. وإذا كان علينا أن نضفي بعض المصداقية على مخطوطات الترجمة اللاتينية، ليقل لنا أعداؤنا أيها أصوب، لأن هناك من الأناجيل بعدد الاختلاف بين نصوصها. ولماذا لا يروقهم أن أقوم بالتصويب اعتمادا على المصادر اليونانية لتصويب الأجزاء التي أساء فهمها المترجمون الجهلاء، أو بدّلوها بسوء نيّة، أو حتى قام بعض الأدعياء بتعديلها.
"وإذا كان علينا دمج المخطوطات، فما يمنع أن نرجع ببساطة إلى الأصول اليونانية ونبعد بذلك عن أخطاء الترجمات السيئة أو التعديلات غير الموفقة من جانب الذين تصوروا أنهم علماء، أو الإضافات التي ادخلها الكتبة النعسانين؟ أنني لا أتحدث هنا عن العهد القديم والترجمة السبعينية باللغة اليونانية التي لم تصلنا إلا بعد ثلاث ترجمات متتالية من العبرية إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية. ولا أود أن أبحث هنا ما الذي سيقوله أكويلا أو سيماّك، أو لماذا آثر تيودوسيان الوسط بين المترجمين القدامى و الحداث. لذلك سأعتمد على الترجمة التي يمكن أن يكون قد عرفها الحواريون.
" وأتحدث الآن عن العهد الجديد، المكتوب بلا شك باللغة اليونانية فيما عدا إنجيل متّى الذي كان قد استعان أولا بالعبرية لنشره في منطقة اليهودية. إن هذا الإنجيل يختلف يقينا عن الذي بلغتنا نظرا لتعدد المصادر التي استعانوا بها لتكوينه. وقد آثرت أن أرجع إلى نص أساسي، فلا أود الاستعانة بترجمات المدعوان لوشيانوس أو هزيكيوس التي يدافع عنها البعض بضراوة عن غير وجه حق، واللذان لم يكن من حقهما مراجعة لا العهد القديم بعد ترجمة السبعينية، ولا أن يقوما بمراجعة النصوص الجديدة. فالنصوص الإنجيلية التي وصلتنا بلغات شعوب مختلفة توضح مدى الأخطاء والإضافات التي بها. وإذا كنت قد قمت بذلك بالنسبة للنسخ المكتوبة بلغتنا فلا بد وأن أعترف بأنني لم استفد منها شيئا."
ذلك هو حال الكتاب الذي تعتبرونه مقدسا ! وأكتفي بهذا القدر من الاستشهاد لأن باقي النص متعلق بترتيب الأناجيل و تبويبها. وكان ذلك في القرن الرابع الميلادي. أي أنه حتى ذلك التاريخ لم تكن الأناجيل المعروفة حاليًا قد استتب أمرها. واندلعت الخلافات بين الكنائس لمدة قرون طويلة، حتى قامت المؤسسة الكنسية الكبرى بفرض هذا الكتاب المقدس على الأتباع على أنه نصا منزلا و " أن مؤلفه هو الله "، وذلك في المجمع التريدنتى سنة 1547. ثم قام مجمع الفاتيكان الأول المنعقد في عامى1869 و1870 بإعلان أن الكتاب المقدس بعهديه " كتب بالهام من الروح القدس، وان مؤلفه هو الله، وأنها قد أُعطيت هكذا للكنيسة ".. أما مجمع الفاتيكان الثاني المنعقد بعد ذلك بحوالي تسعين عامًا، ظهرت خلالها من الدراسات والأبحاث التي أطاحت بمصداقية الكتاب المقدس، ما جعله يعلن عن إصحاحات هذا الكتاب المقدس قائلاً: " أن هذه الكتب وإن كانت تتضمن الناقص و الباطل، فهي مع ذلك شهادات لعلم تربية إلهي حقيقي" !.. ترى يا سيادة البابا هل هذا هو المنطق الذي ترونه حقا ومفهومًا؟!..
ولا تفوتنا هنا الإشارة إلى " ندوة عيسى " التي انعقدت في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1992، وان أهم ما خرج به فريق العلماء المساهمين فيها وهم حوالي 200 باحثًا لاهوتيًا وأكاديميا، أن 82 % من الأقوال المنسوبة إلى يسوع لم يتفوه بها وإنما صاغها كتبة الأناجيل، وأن موت يسوع وبعثه حدث في المكان و بالكيفية التي أرادها كتبة الأناجيل.. (صفحة 24 من مقدمة الكتاب الصادر عن الندوة).. وما يأسف له هؤلاء العلماء هو الجهل الشديد لدى عامة المسيحيين بكتابهم المقدس وخاصة بالعهد الجديد، وهو مستوى يرون أنه يصل إلى درجة الأمية! واللهم لا تعليق على ما تعتبرونه مصدرا للعقل و المنطق والإلهام!!
تقولون في خطبتكم الموقرة أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لم يأت إلا بأشياء شريرة ولاإنسانية، من قبيل أمره أن يتم نشر ما يبشر به بالسيف... لعلكم لا تجهلون أن البابا أوربان الثاني هو الذي أعلن قيام الحروب الصليبية باسم الرب في مجمع كليرمونت، قائلا: " إن الله يريدها "، و أنه أطلق على المساهمين فيها لقب "جند يسوع " وأمرهم بوضع علامة الصليب على ثيابهم وعتادهم، و وعد بغفران ذنوبهم وإعفائهم من الضرائب و أغدق عليهم العطايا.. ويصف المؤرخ المرافق للحملة و المعروف باسم " لانونيم " قائلاً: " تم طرد المدافعين عن المدينة (القدس) بقتلهم وبترهم بالسيوف أحياء، حتى معبد سليمان. وقد وقعت مجزرة لا مثيل لها بحيث أن جنودنا كانوا يغوصون بأقدامهم في الدماء حتى عراقيبهم "، ثم يضيف بعد ذلك قائلا: " لعل ما أدى إلى نجاح ذلك الهجوم وغيره الانقسام الذي كان سائدًا آنذاك بين المسلمين ". وعندما سادت المجاعة أيام حصار عكا كان الصليبيون يسلقون أطفال المسلمين ويأكلونهم.. أذلك هو ما يندرج تحت مسمى العقل والأعمال الإنسانية وعدم الإنتشار بالسيف؟!
كما تم إنشاء محاكم التفتيش لتواكب أعمالها ولتواصل ما أُطلق عليه عصر الظلمات الذي امتد حوالي ألف عام، بمنع الأتباع من قراءة إنجيلهم ومنع التعليم إلا على رجال الدين..و المعروف أن الحروب الصليبية لم توجه ضد المسلمين وحدهم في الأراضي المقدسة، وإنما امتدت إلى إسبانيا لتعاون في اقتلاع الإسلام، كما امتدت إلى أوروبا وجنوب شرق فرنسا لاقتلاع شعوب الكاتار والبوجوميل والفودوَا لأنهم حتى ذلك الوقت كانوا رافضين لبدعة تأليه السيد المسيح.. وما تذكره المراجع التاريخية والعلمية عن عمليات التعذيب التي تفننت فيها محاكم التفتيش من حرقها الناس أحياء أو خزء عيونهم أو انتزاع لسانهم وهم أحياء أو دهن أرجلهم بالزيت ووضعها فوق النار بعد ربطهم حتى لا يتحركون من أماكنهم ليصيب القارئ بالغثيان.. وما كتبه القس بارتولوميه دى لاس كازاس عن وحشية أعمال المبشرين ورجال الكنيسة وجنودها عند غزوهم شعوب أمريكا الجنوبية يفوق الخيال في بشاعته.. ولم يُسمح بنشر مذكراته إلا في أواخر القرن العشرين. ولا يسع المجال هنا للتحدث عن الحروب الدينية بين المسيحيين كحرب الخمسين عاما، والمائة عاما، والمجازر المميزة كمجزرة البروتستانت المعروفة باسم سانت بارتليمى.. ولا عن سرد كيفية تم فرض المسيحية بالسيف على أوروبا وضواحيها أو على باقي بعض شعوب العالم.
وإذا ما تم حصر أعداد كل الذين تم قتلهم بأمر من الكنيسة الكاتوليكية الرومية الرسولية لوصل إلى مئات الملايين من الأبرياء، وهو ما تذخر به المراجع.. فمثل هذه الأعمال تندرج تحت أي منطق في نظر سيادتكم، أم لعلكم تباركونها لبراءتها و تسامحها المسيحي!
سيادة الأستاذ والباحث المبجل، إن كل ما تقدم وأكثر منه بكثير هو ثابت علميًا وتاريخيًا ووثائقيا، بل أكثر منه جد كثير ولا يسع المجال هنا لذكره.. إنها مجرد شذرات.
تقولون في الفقرة الثالثة من محاضرتكم أن الله لا يحب الدم، ومع ذلك تصرّون على استمرار العقيدة التي تفرض على الأتباع شرب دمه وأكل لحمه عند تناول الإفخارستيا. ومن لا يؤمن بذلك إيمانا قاطعا بأنه يشرب دمه فعلا ويأكل لحمه فعلا يكون كافرًا وملعونًا.. ومن الواضح أن هناك العديد من الأتباع الذين ينفرون من مجرد هذه الفكرة، وتفاوتت حدة الصراعات الرافضة للإفخارستيا بالمعنى الكنسي، وكان من أشهر هؤلاء جان فيكليف الذي أدانه مجمع كونستانس 1418 لأنه نادى بأن الخبز والنبيذ لا يتبدلان في القربان ولا يتحولان، وان المسيح لا يتواجد فعلاً بلحمه ودمه في القربان. فأدان المجمع كل مؤلفاته واتهمه بالهرطقة، وبعد موته أمر المجمع بنبش قبره لإلقاء عظامه بعيدا عن المدافن الكنسية (المجمع المسكونية، ج2 صفحة 859). ثم قام مجمع لاتران بادخال هذا الطقس الدموي ضمن عقيدة الإيمان!
هموم مواطن- مشرف
- عدد المساهمات : 3
نقاط : 11357
تاريخ التسجيل : 10/05/2009
رد: سب ومحبة في نفس الوقت
وكانت آخر محاولة مبذولة لدراسة كيفية فرض فكرة أكل لحم المسيح وشرب دمه فعليا و حقيقيا، ذلك العام الذي كرسه البابا يوحنا بولس الثاني في أكتوبر 2004 والذي انتهى بانعقاد السينودس الذي أقيم من 2 إلى 23 أكتوبر 2005، وحضره 256 أسقفا من 118 بلدا حول موضوع: " الإفخارستيا في الحياة و الرسالة الحالية للكنيسة "، وقد قمتم بترأسه لوفاة البابا السابق. و تم اختيار هذا التاريخ، 23 أكتوبر لإنهاء أعمال المؤتمر، ليتفق مع " اليوم العالمي للتبشير "... وهو ما يكشف عن أن عقيدة الإفخارستيا تقف عقبة في عمليات التبشير التي تخوضونها وتجاهدون لتدارس كيفية فرضها!
ومن الواضح أن الإصرار على فرض هذه العقيدة بمثل هذا التشبث، هي عملية تبرير لاستمرار ضرورة وجود طبقة القساوسة التي هي وحدها تمتلك سر تحويل الخبز و النبيذ " بقدرتهم السرّية " إلى لحم ودم المسيح الذي يتعيّن على الأتباع أكله شربه وإلا لا يحصلون على الخلاص!.. ولا نملك إلا أن نتعجّب لما تعتبرونه معقولا ومنطقيا ويتفهمه العقل والمنطق.. ولعل ذلك هو ما دفع الكاتب الفرنسي إميل زولا أن يقول في إحدى رواياته: "إن الحضارة الإنسانية لن تتقدم إلا إذا سقط آخر حجر من آخر كنيسة على رأس آخر قسيس "!
أنتقل بعد ذلك إلى مجمع الفاتيكان الثاني وقرارته سنة 1965 التي تمثل خروجًا سافرًا على نصوص و تعاليم العهد الجديد، والتي تمثل جزءًا كبيرًا من المشكلات التي تواجه العالم حاليًا. فعلى الرغم من اتهامكم اليهود في قداس كل يوم أحد بأنهم قتلة الرب، وعلى الرغم من وجود أكثر من مائة آية صريحة الوضوح في اتهامها بالعهد الجديد، نص ذلك المجمع من ضمن ما نص عليه في نصوصه المتعددة، على:
* تبرأة اليهود من دم المسيح.
* اقتلاع اليسار في عقد الثمانينات (من القرن العشرين).
* اقتلاع الإسلام في عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة و قد تم تنصير العالم، وإن كانت هذه التوصية بدأت بعبارة مضغمة هي "توصيل الإنجيل لكل البشر"..
* إعادة تنصير العالم.
* توحيد كافة الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما.
* فرض المساهمة في عملية التبشير على كافة المسيحيين الكنسيين منهم و المدنيين، وهى أول سابقة من نوعها وتوصم أمانة الأقليات المسيحية في كل مكان.
* استخدام الكنائس المحلية في عمليات التبشير، الأمر الذي يضع الأقليات المسيحية في البلدان التي يعيشون فيها في موقف عدم الأمانة أو الخيانة الوطنية لصالح التعصب الكنسي.
* فرض بدعة الحوار، كوسيلة لكسب الوقت حتى تتم عملية التنصير بلا مقاومة تذكر.
* إنشاء لجنة الحوار.
* إنشاء لجنة خاصة بتنصير العالم.
ولن أطلب من سيادتكم تقييم قرارات هذا المجمع من حيث العقل والمنطق، أو من حيث الشرور واللاإنسانية التي تمخض عنها، فهي ليست بحاجة إلى تقييم، إنها تجأر بنفسها، لكنني سأضيف إن البابا يوحنا بولس الثاني كان قد وعد بتبديل و تغيير سبعين آية من آيات الأناجيل لتتمشى مع مسلسل التنازلات التي تقدمونها للصهاينة. وللحق لا أعرف إن كان قد تمكن من إتمام ذلك قبل وفاته أم سيقع عليكم الوفاء بهذا الوعد.
ومن بين كل القرارات السابقة لن أعلق إلا على نقطة بدعة الحوار بين الأديان، لأستشهد ببعض النماذج الكاشفة من الوثائق الفاتيكانية:
* أخطر ما يمكن أن يوقف الحوار: أن يكتشف من نحاوره نيتنا في تنصيره.
* من أهم عقبات الحوار ما قمنا به في الماضي ضد الإسلام والمسلمين، وهذه المرارات عادت للصحوة حاليًا، فقد أضيفت الآن قضية إسرائيل و موقف الغرب منها، و نحن كمسيحيين نعرف ما هي مسؤليتنا حيال هذه القضية..
* ضرورة القيام بفصل المسيحية في حد ذاتها عن العالم الغربي ومواقفه المعادية والاستعمارية فالمسلم لم ينس ذلك بعد.
* إن الحوار الصحيح يرمى إلى تجديد كل فرد بالارتداد الباطني والتوبة، اعتمادا على الصبر والتأني والتقدم خطوة خطوة وفقا لما تقتضيه أحوال الناس في عصرنا.
* يتعيّن على المسيحيين أن يساعدوا مؤمني العقائد الأخرى على التطهر من تراثهم الديني لتقبل عملية الارتداد.
* إن أعضاء الديانات الأخرى مأمورون بالدخول في الكنيسة من أجل الخلاص.
* الحوار يعنى فرض الارتداد والدخول في سر المسيح..
* إن الكرسي الرسولي يسعى إلى التدخل لدى حكام الشعوب و المسؤولين عن مختلف المحافل الدولية، أو الانضمام إليهم بإجراء الحوار أو حضهم على الحوار لمصلحة المصالحة وسط صراعات عديدة..
واكتفي بهذا القدر القليل من غثاء جد كثير لأسأل سيادتكم: هل مثل هذا التعامل غير الأمين واللا إنساني هو ما تعتبرونه مقبولا من العقل والمنطق؟!
وهنا تجدر الإشارة إلى خطابكم الرسولي الأول " الله محبة "، ولا يسع المجال لتناوله بالتفصيل، فقد أفردت له مقالا آنذاك بعنوان " تنازلات على نغمة المحبة "! ومن أهم ما يجب الإشارة إليه إعتباركم أن اليهود و المسيحيين وحدهم هم الذين يعبدون الله الحقيقي، ثم قيامكم بالربط بين الإسلام والانتقام والكراهية والعنف باسم الله، وان الكنيسة الكاثوليكية وحدها هي التي عليها إن تسود العالم، وكمٌ من التنازلات الممجوجة التي قدمتمونها للصهاينة. وهو ما يؤكد أن استشهادكم في المحاضرة لم يكن من قبيل المصادفة وإنما تقصدونه لأنه يمثل رأيكم الدائم.
ولا يسعني عند نهاية خطابي المفتوح هذا إلا أن أسألكم: يصر الفاتيكان على أن رسالته هي تنصير العالم، وهو يبذل قصارى جهده وبكافة الوسائل الصريحة والملتوية لتحقيق ذلك، بل لا يكف عن حث الكنائس الأخرى و توحيدها لاستخدامها في عملية التبشير والتنصير، ولقد تم فرض هذا الموقف على الأتباع وعلى الكنائس المحلية في كل مكان بزعم أنها الوسيلة الوحيدة للتصدي للمد الإسلامي، كما تم استصدار القوانين الأمريكية الترويعية لتنفيذ ذلك.. غير آخذين في الاعتبار أن ذلك تحديدًا هو ما يشعل الفتن و يولد العنف دفاعا عن الذات و عن الدين وعن الهوية، فما عساكم فاعلين بتلك الدويلة الدينية العنصرية التي ساعد الفاتيكان على تثبيتها ظلما وعدوانا وانتزاع الأرض من أصحابها لقوم لا حق لهم فيها وفقا للنصوص؟ بل ما عساه فاعلا بهذه الدويلة العنصرية التي يعد إنشاؤها خروجًا سافرًا على دينه وتعاليمه ـ وهناك من الأبحاث اللاهوتية ما تؤكد انه لا حق لهم شرعا في هذه الأرض، وذلك من قبيل رسالة الأب لاندوزى؟ ولا نسخر حين نتساءل بكل مرارة و ألم:
ترى، هل سيقوم سيادة البابا بتنصير اليهود، أم إن الفاتيكان هو الذي سيتهوّد ؟! أليست دعوتكم الظالمة هي تنصير العالم؟!
إن من يحمل على كاهله مثل هذا التاريخ المدرج بالدماء، ومثل هذا التراث القائم على التزوير والتحريف، ويقوم بمثل هذه السقطة الاستفزازية وسب الإسلام والمسلمين عن عمد، فلا يجب عليه الاعتذار الواضح فحسب وإنما يجب عليه التنحي عن مثل هذا المنصب. وهو أقل ما يجب عليه أن يفعله إن كانت هناك ثمة أمانة علمية أو دينية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
دكتورة/ زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
ومن الواضح أن الإصرار على فرض هذه العقيدة بمثل هذا التشبث، هي عملية تبرير لاستمرار ضرورة وجود طبقة القساوسة التي هي وحدها تمتلك سر تحويل الخبز و النبيذ " بقدرتهم السرّية " إلى لحم ودم المسيح الذي يتعيّن على الأتباع أكله شربه وإلا لا يحصلون على الخلاص!.. ولا نملك إلا أن نتعجّب لما تعتبرونه معقولا ومنطقيا ويتفهمه العقل والمنطق.. ولعل ذلك هو ما دفع الكاتب الفرنسي إميل زولا أن يقول في إحدى رواياته: "إن الحضارة الإنسانية لن تتقدم إلا إذا سقط آخر حجر من آخر كنيسة على رأس آخر قسيس "!
أنتقل بعد ذلك إلى مجمع الفاتيكان الثاني وقرارته سنة 1965 التي تمثل خروجًا سافرًا على نصوص و تعاليم العهد الجديد، والتي تمثل جزءًا كبيرًا من المشكلات التي تواجه العالم حاليًا. فعلى الرغم من اتهامكم اليهود في قداس كل يوم أحد بأنهم قتلة الرب، وعلى الرغم من وجود أكثر من مائة آية صريحة الوضوح في اتهامها بالعهد الجديد، نص ذلك المجمع من ضمن ما نص عليه في نصوصه المتعددة، على:
* تبرأة اليهود من دم المسيح.
* اقتلاع اليسار في عقد الثمانينات (من القرن العشرين).
* اقتلاع الإسلام في عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة و قد تم تنصير العالم، وإن كانت هذه التوصية بدأت بعبارة مضغمة هي "توصيل الإنجيل لكل البشر"..
* إعادة تنصير العالم.
* توحيد كافة الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما.
* فرض المساهمة في عملية التبشير على كافة المسيحيين الكنسيين منهم و المدنيين، وهى أول سابقة من نوعها وتوصم أمانة الأقليات المسيحية في كل مكان.
* استخدام الكنائس المحلية في عمليات التبشير، الأمر الذي يضع الأقليات المسيحية في البلدان التي يعيشون فيها في موقف عدم الأمانة أو الخيانة الوطنية لصالح التعصب الكنسي.
* فرض بدعة الحوار، كوسيلة لكسب الوقت حتى تتم عملية التنصير بلا مقاومة تذكر.
* إنشاء لجنة الحوار.
* إنشاء لجنة خاصة بتنصير العالم.
ولن أطلب من سيادتكم تقييم قرارات هذا المجمع من حيث العقل والمنطق، أو من حيث الشرور واللاإنسانية التي تمخض عنها، فهي ليست بحاجة إلى تقييم، إنها تجأر بنفسها، لكنني سأضيف إن البابا يوحنا بولس الثاني كان قد وعد بتبديل و تغيير سبعين آية من آيات الأناجيل لتتمشى مع مسلسل التنازلات التي تقدمونها للصهاينة. وللحق لا أعرف إن كان قد تمكن من إتمام ذلك قبل وفاته أم سيقع عليكم الوفاء بهذا الوعد.
ومن بين كل القرارات السابقة لن أعلق إلا على نقطة بدعة الحوار بين الأديان، لأستشهد ببعض النماذج الكاشفة من الوثائق الفاتيكانية:
* أخطر ما يمكن أن يوقف الحوار: أن يكتشف من نحاوره نيتنا في تنصيره.
* من أهم عقبات الحوار ما قمنا به في الماضي ضد الإسلام والمسلمين، وهذه المرارات عادت للصحوة حاليًا، فقد أضيفت الآن قضية إسرائيل و موقف الغرب منها، و نحن كمسيحيين نعرف ما هي مسؤليتنا حيال هذه القضية..
* ضرورة القيام بفصل المسيحية في حد ذاتها عن العالم الغربي ومواقفه المعادية والاستعمارية فالمسلم لم ينس ذلك بعد.
* إن الحوار الصحيح يرمى إلى تجديد كل فرد بالارتداد الباطني والتوبة، اعتمادا على الصبر والتأني والتقدم خطوة خطوة وفقا لما تقتضيه أحوال الناس في عصرنا.
* يتعيّن على المسيحيين أن يساعدوا مؤمني العقائد الأخرى على التطهر من تراثهم الديني لتقبل عملية الارتداد.
* إن أعضاء الديانات الأخرى مأمورون بالدخول في الكنيسة من أجل الخلاص.
* الحوار يعنى فرض الارتداد والدخول في سر المسيح..
* إن الكرسي الرسولي يسعى إلى التدخل لدى حكام الشعوب و المسؤولين عن مختلف المحافل الدولية، أو الانضمام إليهم بإجراء الحوار أو حضهم على الحوار لمصلحة المصالحة وسط صراعات عديدة..
واكتفي بهذا القدر القليل من غثاء جد كثير لأسأل سيادتكم: هل مثل هذا التعامل غير الأمين واللا إنساني هو ما تعتبرونه مقبولا من العقل والمنطق؟!
وهنا تجدر الإشارة إلى خطابكم الرسولي الأول " الله محبة "، ولا يسع المجال لتناوله بالتفصيل، فقد أفردت له مقالا آنذاك بعنوان " تنازلات على نغمة المحبة "! ومن أهم ما يجب الإشارة إليه إعتباركم أن اليهود و المسيحيين وحدهم هم الذين يعبدون الله الحقيقي، ثم قيامكم بالربط بين الإسلام والانتقام والكراهية والعنف باسم الله، وان الكنيسة الكاثوليكية وحدها هي التي عليها إن تسود العالم، وكمٌ من التنازلات الممجوجة التي قدمتمونها للصهاينة. وهو ما يؤكد أن استشهادكم في المحاضرة لم يكن من قبيل المصادفة وإنما تقصدونه لأنه يمثل رأيكم الدائم.
ولا يسعني عند نهاية خطابي المفتوح هذا إلا أن أسألكم: يصر الفاتيكان على أن رسالته هي تنصير العالم، وهو يبذل قصارى جهده وبكافة الوسائل الصريحة والملتوية لتحقيق ذلك، بل لا يكف عن حث الكنائس الأخرى و توحيدها لاستخدامها في عملية التبشير والتنصير، ولقد تم فرض هذا الموقف على الأتباع وعلى الكنائس المحلية في كل مكان بزعم أنها الوسيلة الوحيدة للتصدي للمد الإسلامي، كما تم استصدار القوانين الأمريكية الترويعية لتنفيذ ذلك.. غير آخذين في الاعتبار أن ذلك تحديدًا هو ما يشعل الفتن و يولد العنف دفاعا عن الذات و عن الدين وعن الهوية، فما عساكم فاعلين بتلك الدويلة الدينية العنصرية التي ساعد الفاتيكان على تثبيتها ظلما وعدوانا وانتزاع الأرض من أصحابها لقوم لا حق لهم فيها وفقا للنصوص؟ بل ما عساه فاعلا بهذه الدويلة العنصرية التي يعد إنشاؤها خروجًا سافرًا على دينه وتعاليمه ـ وهناك من الأبحاث اللاهوتية ما تؤكد انه لا حق لهم شرعا في هذه الأرض، وذلك من قبيل رسالة الأب لاندوزى؟ ولا نسخر حين نتساءل بكل مرارة و ألم:
ترى، هل سيقوم سيادة البابا بتنصير اليهود، أم إن الفاتيكان هو الذي سيتهوّد ؟! أليست دعوتكم الظالمة هي تنصير العالم؟!
إن من يحمل على كاهله مثل هذا التاريخ المدرج بالدماء، ومثل هذا التراث القائم على التزوير والتحريف، ويقوم بمثل هذه السقطة الاستفزازية وسب الإسلام والمسلمين عن عمد، فلا يجب عليه الاعتذار الواضح فحسب وإنما يجب عليه التنحي عن مثل هذا المنصب. وهو أقل ما يجب عليه أن يفعله إن كانت هناك ثمة أمانة علمية أو دينية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
دكتورة/ زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
هموم مواطن- مشرف
- عدد المساهمات : 3
نقاط : 11357
تاريخ التسجيل : 10/05/2009
رد: سب ومحبة في نفس الوقت
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اما بعد........
اما بعد........
انه ليسني ان يكون في اسرة هذا المنتدى شخص مثلك يدلي بآرآء الناس ويكتب مواضيع مهمة في حياتنا وديننا وكيفية التعامل مع الاشخاص ذوي الديانات الاخرى ويلفت انتباه الجمهور العربي لما يحيط بالاسلام من مخاطر وهجمات شرسة و عدى وجود المغرضين الذين يريدون للاسلام الانقراض لانه الدين الصحيح الذي يبين للناس تفاهات الغرب التي لا اساس لها من الصحة
و بالاضاة الى تناولك موضوع البابا فيني دكتوس السادس عشر المنافق الكبير الذي يريد للاسلام كل ماهو سيء و لكن ايضا في ديننا حد للتسامح بأن تصل الامور و الحقارة و السفالة و وضاعة النفس وردائتها بأن يتم شتم نبينا حبيبب قلوبنا قدوتنا هنا يأتي دور الجهاد الذي فرضه الله سبحانه و تعالى علينا
لن اطيل عليك الكلام لانه هنالك الكثير من الكلام الذي يجب ان يسمع ولكن................................
شكرأً جداً جزيلاً ولك كل الشكر و المحبة على طرحك الرائع راجياً منك ان تكمل مسيرتك بجلب المواضيع الشيقة
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى